Apr 10, 2009

واحد صفر

كلنا مهزومون واحد صفر الكل مهزوم وحزين , والكل يبحث عن فرصه للسعاده وعن أى منفذ إلى الحياه حتى ولو كان فى اتساع خرم الإبره , هذا هو الإحساس الذى وصلنى بعد مشاهدة هذا الفيلم الجميل , واحد صفر. السيناريو محكم وبسيط جدا, يتناول شخوصاً حقيقيين تقابلهم فى الشارع وقد تكون واحداً منهم , يغوص بداخل كل منهم ليستعرض الوطن من خلالهم, لن أحكى الفيلم هنا , أنقل فقط انطباعاتى عنه ,واختلافى مع أكثر من نقطة تناولها بالطرح مع اعجابى به كعمل فنى ممتع لدرجة أنى شعرت أنه قصير جدا رغم ان مدته حوالى 105 دقيقه .اتبعت كاتبة السيناريو ( مريم نعوم) أسلوب اليوم الواحد للأحداث , فأحداث الفيلم تدور كلها فى أقل من 24 ساعه ( يوم نهائى غانا) , وتحاول , وأرى أنها نجحت ألى حد كبير, استعراض نماذج كثيره من الشعب المصرى الذى يوحده القهر وتحيطه الهموم كما توحده مبارة فى كرة القدم , تمضى أحداث الفيلم فى خطوط شبه متوازيه حيث البطوله جماعيه ولكل من الأبطال حكايته الخاصه , أفلت السيناريو من فخ السوداويه التى تغلف كثيرا من الأفلام الواقعيه, ناقش مشاكل غاية فى التعقيد دون ان يصيبك بالاكتئاب . الاخراج كان موفقا إلى حد كبير , يمكننى القول بأن المخرجه(كامله أبو ذكرى) كانت تطل عليك من كل المشاهد ولكنها لم تسقط أيضا فى فخ يوسف شاهين الذى كان يطبع كل ممثليه بشخصيته هو, اهتمت المخرجه بكل الشخوص بتفاصيلهم , حتى الادوار الثانويه التى قام بها ممثلون مغمورون كانت رائعه جدا. اعتمد التصوير على تقنية الكاميرا المحموله طوال مشاهد الفيلم, ومن المعروف انه يستحيل التحكم الكامل فى اهتزازات الكاميرا , ولكن هذا أيضا تم توظيفه لصالح الفيلم, الأحداث سريعه متلاحقه وكان لا بد من متابعتها , واهتزاز الكاميرا الخفيف يمكن اعتباره متماشيا مع التوتر الذى يغلف كل الشخصيات. الموسيقى التصويريه كانت جيده ولكنها قليله , مشاهد كثيره أظنها كانت تحتاج وجود الموسيقى وربما آثرت المخرجه اتاحة مساحه أكبر لأداء الممثلين. يحاول السيناريو ان يخلق نقطة تواصل بين خطوط الفيلم المتوازيه, فيتجمع الأبطال فى قسم الشرطه لأسباب مختلفه ثم يخرجون إلى الشارع بعد انتهاء المباراه وكل منهم يحمل جرحا وربما أملا لم يكتمل, ليذوبوا جميعا فى زحام من البشر المحتفلين بفوز مصر ببطولة أفريقيا, فى مشاهد حقيقيه من الشارع عشتها بنفسى ليلتها, حيث الكل حزين , والكل يرقص ويحتفل, لا تدرى أهروب هو من الواقع ام تمحك بالحياه؟ ه ملاحظات: لا أحب إلهام شاهين أبدا , ولكن هذا لا يمنع أننى أعجبت بأدائها جدا , تلعب دور امرأه مسيحيه انفصلت عن زوجها , وارتبطت برجل آخر تود الزواج منه , ولكن الكنيسه ترفض التصريح لها بالزواج الثانى , مشكله من صميم الواقع المصرى , تعانى منها الكثيرات ومن الطبيعى أن نراها على شاشة السينما , ولا أرى مبررا مقنعا للهجوم الذى تعرض له الفيلم بسبب هذا الطرح ومحاولة البعض ايقاف عرضه الا حساسية مفرطه لا مبرر لها أبداً من بعض المسيحيين الذين يرفعون شعار ممنوع اللمس, لا أعرف سر هذا التناقض الكبير فى مواقف من يطالب بالاندماج فى المجتمع ثم يثور حين تعرض مشاكله, والحق أن المشكله التى طرحها الفيلم لا تخص المسيحيين فقط , فعندما استشارت البطله محاميها خيرها بين أن ترفع قضية ضد الكنيسه او أن تشهر اسلامها للحصول على الحق فى الزواج الثانى , أى أن أحد الحلول ينتهى بها غالبا ألى امرأه مسيجيه اسلمت وتريد العوده إلى دينها والآمر غالبا يصل إلى القضاء والباقى انتم تعرفونه , فبدلا من كونها مشكله تتعلق بتفسير البابا للانجيل تتحول الى مشكلة حكم المرتد فى الاسلام . المفارقه هنا ان هذه السيده تحمل بدون زواج من الشخص الذى يحبها( لا يغفل السيناريو الاشاره لكونه مسيحيا ربما لتفادى مشكلة أخرى) وبدلا من شعورها بالذنب تغمرها سعاده كبيره لاعتقادها ان حملها سيساعد فى حصولها على حق الزواج, أيهما أخف عليها اذن, الزنا أم تصريح بالزواج؟ه من الشخصيات الأخرى التى لفتت نظرى , شخصية المغنيه أو الراقصه ( أدت الدور زينه) وهى من نوعية هيفاء وهبى لمن لم يشاهد الفيلم, لا أعرف لماذا حاول السيناريو استدرار تعاطف المشاهدين معها مع انه لا يكتفى بتقديمها فى دور المغنيه المسفه بل أشار لكونها (ترافق) المنتج الخاص بها , هل يحاول الفيلم العزف على وتر المومس الفاضله التى اشتهرت فى أفلام الستينيات مع عز الدين ذو الفقار؟ لا أدرى, ولا أرى أيضا أى سبيل للتعاطف مع من تبيع نفسها لأى سبب كان حتى وان كان الحياه نفسها , الغريب أنها فى احدى جمل الحوار عندما تسألها أختها ان كانت تخاف الله فتجيب بأنه ( أى الله جل جلاله) فى قلبها ولا تنساه أبدا , يمكننى تصديق ذلك , ولكن هل يكفى هذا للتعاطف معها؟ الغريب ان السيناريو الذى يدين على لسان أهلها علاقاتها غير الشرعيه , لا يدين علاقة الهام شاهين غير الشرعيه أيضا بصديقها , حيث أن الأولى تفعل ذلك بأجر بينما الثانيه تفعل نفس الشئ ولكن بحب, وكأن هذا هو الفيصل وليست مسألة الحلال والحرام.ه من المشاهد غير البريئه فى الفيلم مشهد التزاحم على ركوب الاتوبيس والتركيز على رجل ملتح متجهم الوجه ويدفع الناس بقسوه لكى يركب , ومشهد آخر يظهر تجمعا للمصريين من مختلف الطبقات يتابعون المباراه فى أحد المقاهى بينما يمر من امام الكاميرا رجل ملتح وامراتان محجبه ومنتقبه وكانهما نشاذ فى الصوره, لا يلتفتون للمباره ولا للجمهو الموجود وكأنهم لا ينتمون إلى الصوره, وحتى لا اتهم باساءة الظن أذكر لكم جمله من حوار كامله أبو ذكرى مع جريدة الدستور فى ندوه عن الفيلم عندما قالت انها كانت تمشى فى شبرا فترى هنا صليبا وهنا فانوسا والانا صبحت تمشى فترى رجالا ملتحين ونساء منتقبات وتضيف أنها تهم بالصراخ فيهم ارحلوا منها وعودوا من حيث أتيتم واتركوا هذا المكان جميلا كما كان