May 21, 2008

قالت ضحى

مقاطع من رواية بهاء طاهر العذبه..قالت ضحى

لا يضيع الدنيا الذين مع أو الذين ضد , ولكن يضيعها المتفرجون
لا تتباه بهمومك
آلاف من الناس يصفعون كل يوم , ولكن قليلاً منهم من يشعر بالإهانه أو الغضب , قليل منهم من يصيبهم مرض العدل
قالت وهى ترفع إلىَّ عينيها الواسعتين : - هل أغضبتك حقاً ؟ - نعم - كثيراً جداً ؟ - نعم - تقدمت منى حتى أوشكت أن تلامسنى وكان وجهها شديد الشحوب ثم قالت : - إذن فما أقل حبك , ما الحب إن كنت لا تستطيع أن تحمينى من نفسى ؟
هذه الدنيا نغم ٌ لا عراك , عشقٌ لا تمرد , فسلم ... لا تفكر
لا ألومك إن لم تعرفنى , فليست لدىَّ علامه !!!
- وماذا تقصد أنت بالشر ؟ -
قلت لم أفكر فى هذا قبل الآن , ولكن أظن أننى طول عمرى أكره القهر , قهر الإنسان بالفقر , وقهره بالخوف , وأهم من ذلك قهره بالجهل , أن يعيش الإنسان ويموت دون أن يعرف أن بالدنيا علماً فاته , وجمالاً فاته , وحياةً لم يعشها أبداً
حين تخون واحداً فأنت تخون العالم كله , عندما خنت صديقك فقد خنت أيضاً احلامك وأفكارك , لم يعد ممكناً أن تعود نفس الشخص
قد لا ينقذ من يطلب العدل العالم , وقد لا يقضى على الحيه , ولكنه ينقذ نفسه
أعرف أن طلب العدل مرض , ولكنه المرض الوحيد الذى لا يصيب الحيوانات
عندما تقرر الإنتحار تكون وقتها قد مت بالفعل , ما ينقذونه بعد ذلك لا يكون هو أنت , ولكن جثتك
اكتشفت عالماً هائلاً كان غائباً عنى , عالما ً من اللاشئ
جربت من قبل فى حياتى خيبة الأمل فى الحب , أحببت فتاة ً لم تبادلنى الحب , وعرفت آخرين تعثرت علاقتى بهم فى منتصف الطريق , وعرفت ذلك الألم , أن يشعر الإنسان أنه مرفوض ٌ ومهان وضئيل أمام نفسه , ولكنه لا يملك إلا أن يحب سبب ذلك كله , لا يملك إلا أن يراوده الأمل فى أنه ربما بطريقة ٍ ما , بمعجزة ٍ ما , ستورق من جديد تلك الشجرة التى سقطت فى الأرض وماتت , ستصل رسالة ما , مكالمة ما , سيلقى الوجه الذى هجره فجأه فى الطريق فتبتسم العيون وتتعانق الأيدى , ويرجع كل شئ , ستتحقق فى الصباح احلام الليل , ولكن مع الزمن , وإذ تظل الأحلام أحلاما ً, لا أقول أن الجرح يشفى , ولكننى كنت اتعلم كيف أعيش مع تلك الحربه المرشوقه فى داخلى كأنها جزء منى , إلى أن يأتى حب جديد , وألم جديد
اكتشفت أن الظلم لا يبيد .. ما الحل ؟ أن تحدث ثورة على الظلم ؟ نعم تحدث تلك الثوره , يغضب الناس فيقودهم ثوار يعدون الناس بالعدل وبالعصر الذهبى , ويقطعون رأس الحيه , ولكن جسم الحيه على عكس الشائع لا يموت , يظل هناك تحت الأرض , يتخفى , يلد عشرين رأسا ً بدل الرأس الذى ضاع , ثم يطلع من جديد واحد من هذه الرؤوس اسمه حماية الثوره من أعدائها , وهو لا يقضى بالضبط إلا على أصدقاء الثوره , ورأس آخر اسمه الاستقرار , وباسم الاستقرار يجب أن يعود كل شئ كما كان قبل الثوره نفسها, ورأس آخر اسمه الضرورة المرحليه , الظلم المؤقت إلى حين تحقيق رسالة الثوره , وفى هذه الظروف يصبح لطالب العدل اسم جديد , يصبح يساريا ً, أو يمينيا ً, أو عدوا ً للشعب , حسب الظروف .

May 15, 2008

سنرجع يوماً